السبيل نواكشوط... بعد أن ظن الجميع أن الوضع الصحي استتب و تم التغلب على أزمة "كورونا" العويصة في أيام تم الإعلان عن بلاد خالية من الفيروس المستجد مما دفع السلطات إلى رفع مرساة سفينة الإقتصاد لتبحر من جديد بعد توقف إحترازي دام لأشهر ففتحت الأسواق و تم تقليص مدة حظر التجوال حينها جاء رد العدو "كورونا" قاسيا و لسان حاله يقول لم العجلة ؟ فنزلت الصواعق على الرؤوس الواحدة تلو الأخرى و أصبح السؤال الذي يطرح يومياً : كم عدد المصابين ؟ بعد أن كان في الأمس القريب : هل من مصاب ؟
المراقب جيدا للأوضاع الصحية منذ ظهور أول حالة إصابة في البلاد لا يحتاج للدهاء و الفطنة ليكتشف أسباب التحول المفاجئ من أحسن الأحوال إلى أسوأها، من دولة قاب قوسين أو أدنى من الظفر بالنصر ضد الجائحة إلى أخرى تعاني ويلات الهزيمة..
توجد عدة ثغرات لعبت دور البطولة جنباً إلى جنب مع الوباء أبرزها :
1)_ إفتقار القطاع الصحي للمعدات الطبية و الوقائية اللازمة لدحر الجائحة فلا حرب بدون عتاد و لعل أبرز دليل على ذلك إصابة العديد من أفراد الكادر الطبي و مدير في الوزارة حتى بلغ الأمر مرحلة الإشتباه في إصابة وزير الصحة، أضف إلى ذلك العجز عن إجراء فحوصات عشوائية أو على الأقل تكثيف الفحوصات اليومية و إجراؤها لكل المشتبهين و المتصلين على الرقم الأخضر عوضاً عن تكرار سيناريو أصابنا بالملل "أنت بخير، لا داعي للقلق!!".
2)_ تسرب المتسللين عبر الحدود الدولية خصوصا تلك التي تربطنا بكل من السنغال و مالي و اللتان أصبحتا بؤرتين للوباء، فهم الرعاة الأوائل لنشر الفيروس في كل الأصقاع، لكن للأمانة اللوم لا يقع عليهم وحدهم فقبل أن يكونوا جلادين وقعوا ضحايا بعد أن حرموا من العودة إلى ديارهم و وطنهم فأصبحوا كما يقول المثل الحساني "مومن بين كافرين"..
3)_ إنعدام الوعي لدى أغلب المواطنين و غياب مبدأ "الوقاية خير من العلاج" ففي هذا البلد يستقبل المتسلل بالقبل و الأحضان و يتم إخفاءه حتى يصبح العثور على كنز من كنوز سليمان أسهل بكثير على السلطات من تقفي آثاره..
4)_ إستعجال النصر من طرف الحكومة بعد أن فازت في المعركة الأولى ضد الجائحة و أصبح عدد الحالات النشطة حالة واحدة فقط حينها عمدت إلى تفعيل إجراءات تخفيفية جديدة كانت كالقشة التي قسمت ظهر البعير فأرتفعت أعداد المصابين بشكل كبير و تضاعفت حصيلة الأشهر في أيام معدودات و عمت أجواء من التوتر الأرجاء و ساد الذعر في انتظار ردة فعل من الحكومة لتأتي على شكل إصرار على عدم إتخاذ إجراءات مشددة و الإبقاء على تلك الخفيفة لفظاََ الثقيلة مضموناََ...
خاص بموقع "السبيل"...