![](https://www.essebil.com/sites/default/files/styles/large/public/field/image/903.jpg?itok=OAAzZ0OE)
تدوينة - الاحتفاء الزائد بنجاح صاحب عربة في الباكلوريا من قبل المدونين والشعراء ليس ظاهرة صحية، فهو في معظم تجلياته تعبير عن اختلال خطير في النظرة إلى جهد الإنسان، وفي قدرته على التحمل والتحدي، فلو لم يكن هذا الإنسان كائنا خارقا لما استطاع تحمل أمانة الأرض وتغيير أوجه الطبيعة وتحويل مسارات التاريخ، ولو لم يكن الفقراء أهلا لتقديم نماذج مضيئة لما بعث منهم الأنبياء والرسل، ولما كان منهم أعظم القادة ممن غيروا وجهة الزمن خدمة للمثل العليا.
لا أذكر أنه قد خرج من بين الأغنياء عظماء بدرجة أولئك الذين جاؤوا من كهوف الفقراء، ولا عباقرة كبار في العصر الحديث، فالفقر ليس حليف الفشل ولا ربيب الغباء، وقديما قالوا "إن البطنة تذهب الفطنة"، أو لم يسأل أولئك المدونون والشعراء أنفسهم من أين جاؤوا هم؟
إن أغلبهم في أحسن أحواله من أبناء المدرسين وصغار الموظفين والكسبة، وقد استطاعوا التميز في مواقعهم فماذا يستغربون في نجاح صاحب عربة حتى يمارسوا مثل هذا الضجيج؟ ألأنهم يعتقدون باستحالة ذلك؟.
لم أكلف نفسي كتابة تهنئة للحمال الناجح كما يسميه المتفكهون، رغم كونه ابن مدينتي التي تعلمت منها معنى أن يكون المرء كريما ومؤمنا بالحق ومدافعا عنه، ففي اعتقادي أن لا شيء يستغرب في أن ينجح فقير في امتحان إلا من وجهة نظر أولئك الذين تبدلت لديهم القيم حتى صاروا ينظرون إلى الفقر كعار وإلى الغنى كفضيلة دون أن يستحضروا معنى العدل والظلم في الحالتين.
أغلب الأغنياء ينجحون إما بالرشوة أو بالاختلاس وهؤلاء هم من ينبغي أن يستغرب نجاحهم.!